هل يجوز للمرأة أن تنفق أو تتصدق من مال زوجها أو بيته ؟
عن أبي أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ، وَلا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الطَّعَامَ ؟ قَالَ : ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا .. الحديث ))
قَوْله ( إِلا بِإِذْنِ زَوْجهَا ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ دَلالَة
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ ))
قَالَ مُحِيَ السُّنَّةِ : عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَكَذَا الْخَادِمُ . وَالْحَدِيثُ الدَّالُّ عَلَى الْجَوَازِ أُخْرِجَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ يُطْلِقُونَ الأَمْرَ لِلأَهْلِ وَالْخَادِمِ فِي التَّصَدُّقِ وَالإِنْفَاقِ عِنْدَ حُضُورِ السَّائِلِ وَنُزُولِ الضَّيْفِ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " لا تُوعِي فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْك " اِنْتَهَى .
وقال في تحفة الأحوذي : ( إِذَا أَعْطَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا ) أَيْ أَنْفَقَتْ وَتَصَدَّقَتْ ( غَيْرَ مُفْسِدَةٍ ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ غَيْرَ مُسْرِفَةٍ فِي التَّصَدُّقِ .
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إِذْنِ الزَّوْجِ لَهَا بِذَلِكَ صَرِيحًا أَوْ دَلالَةً .
وَقِيلَ : هَذَا جَارٍ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ فَإِنَّ عَادَاتِهِمْ أَنْ يَأْذَنُوا لَزَوْجَاتِهِمْ وَخَدَمِهِمْ بِأَنْ يُضَيِّفُوا الأَضْيَافَ وَيُطْعِمُوا السَّائِلَ وَالْمِسْكِينَ وَالْجِيرَانَ فَحَرَّضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ الْحَسَنَةِ وَالْخَصْلَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ , كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .ا.هـ
عَنْ سَلْمَى بِنْتِ قَيْسٍ وَكَانَتْ إِحْدَى خَالاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّتْ مَعَهُ الْقِبْلَتَيْنِ وَكَانَتْ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ قَالَتْ :
(( جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَلَمَّا شَرَطَ عَلَيْنَا أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا نَسْرِقَ وَلا نَزْنِيَ وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا وَلا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ ، قَالَ : وَلا تَغْشُشْنَ أَزْوَاجَكُنَّ ، قَالَتْ فَبَايَعْنَاهُ ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَقُلْتُ لامْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ارْجِعِي فَاسْأَلِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِشُّ أَزْوَاجِنَا ؟ قَالَتْ : فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ : تَأْخُذُ مَالَهُ فَتُحَابِي بِهِ غَيْرَهُ ))
فتحابي به غيره : أي تعطيه له ، تقربًا وتفضيلاً .
وخلاصة الكلام في هذا الأمر أنه لا يجوز للمرأة أن تنفق من مال زوجها أو تتصدق منه إلا إذا إذن لها بذلك بالتصريح أو الدلالة
ومن فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب (96516)
الحمد لله : لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها بذلك ، إذنا صريحا ، أو علمت من خلقه وحاله رضاه بذلك .
أما إذا منعها ، أو كانت تعلم أنه لا يرضى بهذا فلا يجوز لها حينئذ الصدقة من ماله بشيء .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" ( 4 / 301 ) :
"وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ , بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; إحْدَاهُمَا , الْجَوَازُ ; لأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , غَيْرَ مُفْسِدَةٍ , كَانَ لَهَا أَجْرُهَا , وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ , وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ ,
وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ) . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا .
وَعَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ , فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ ؟
فَقَالَ : ( ارْضَخِي مَا اسْتطَعْتِ ) والرضخ هو العطاء . وفي رواية للبخاري : قال : (تَصَدَّقِي) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا . وَلأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ , وَطِيبُ النَّفْسِ , فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الإِذْنِ .
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة , لا يَجُوزُ . . . . وَالأَوَّلُ أَصَحُّ . . .
فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ , وَقَالَ : لا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ , وَلا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ , وَلا كَثِيرٍ . لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ " انتهى بتصرف واختصار .
ويدل على عدم جواز تصدق المرأة من مال زوجها إلا بإذنه ما رواه أبو داود (3565) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا الطَّعَامَ ؟ قَالَ : ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
( إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ) أي الإذن الصريح ، أو بدلالة الحال . قاله في عون المعبود .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة تتصدق من مال زوجها بدون إذنه .
فأجابت : "الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به ، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها ، والأجر بينهما ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : .. ثم ذكرت حديث عائشة المتقدّم" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/81).
فما دام زوجك قد أذن لك بذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى .
ونسأل الله تعالى أن يبارك لكما ويتقبل منكما . والله أعلم .